في موقعة فنية تستحق لقب كلاسيكو العالم ، فاز برشلونة الاسباني العنيد على منافسه التاريخي ريال مدريد في عقر داره بإستاد سانتياجو برنابيو بثلاثة أهداف مقابل هدف وحيد، ليؤكد جوارديولا مدرب البارسا أنه أصبح عقدة نفسية لمورينيو ولاعبي الريال ، حيث واجههم في12 مباراة كلاسيكو ، ففاز بثمانية مباريات ، وتعادل ثلاثا وخسر مباراة واحدة .. والواقع ان فوز البارسا جاء بسيناريو مثير ، بعد أن تقدم الريال بهدف في الثواني الاولي من المباراة إثر خطأ ساذج لفالديز حارس مرماه وتحمل البارسا الضغط الدفاعي الشرس على حائز الكرة وعلى المناطق المحيطة به، ليقتنص التعادل بعد نصف ساعة بتمريرة أمامية متقنة من الساحر ميسي إلي المهاجم التشيلي المتألق اليكسس سانشيز الذي اودعها المرمى. وفي الشوط الثاني ورغم محاولات كريستيانو رونالدو ورفاقه ، فإنهم لم يصلوا في المباراة إلى حنكة وثقة الفريق المتصدر للدوري وانفتح دفاعهم مرتين جديدتين ليسمح بهدفي للبارسا بواسطة المهندس تشافي هرنانديز والمتحرك فابريجاس ، مع فشل وعدم توفيق حالف المدريديين في الفرص التي لاحت لهم ، وكذلك فشل كبير لمورينيو في إيقاف طاحونة البارسا وهديرها الهندسي في التمرير والتوزيع وفتح الثغرات ، وصولا إلى مرمى كاسياس وزيارته التي تكررت ثلاث مرات .
عموما السجل التاريخي بين الفريقين ، لا يزال متوازنا ، فقد حقق البارسا الفوز رقم 85 في مجموع لقاءات الكلاسيكو ، مقابل 86 فوزا للريال، والتعادل في باقي المباريات البالغة 216 مباراة قمة اسبانية ، وحتى في وثيقة خسارة اي من الفريقين في عقر داره ، فإن التوازن قائم أيضا فقد فاز الريال على البارسا 18 مرة في الكامب نو ، في حين أن البارسا بالامس حقق فوزه ال17 في سنتياجو برنابيو . . وربما ترضي هذه الاحصائيات غرور جماهير الريال
وبعيدا عما سبق ، فإن برشلونة ضرب عصفورين بحجر واحد عندما فاز بجدارة علي الريال، ليقلص فارق النقاط بينهما في الليجا إلى ثلاث نقاط محتملة وليست مؤكدة في مباراته المؤجلة ،وبذلك جدد البارسا أمله في العودة بقوة إلي ساحة المنافسة للاحتفاظ بلقبه المحلي حتى لو فاز الريال في المباراة المؤجلة ، لأن فارق النقاط الثلاث ليس من الصعب تعويضه ، بينما لو انتهى الكلاسيكو الاسباني بالتعادل لبقي فارق النقاط الست قائما وهو فارق كبير ويثير اليأس والضجر النفسي لأي فريق منافس ،أما لو فاز الريال بالمباراة فقد كان سيرفع الفارق إلى 9 نقاط ، ليصبح من العسير بعدها إداركه، ويحسم معركة الدوري مبكرا قبل أسبوعين من نهاية الدور الاول للدوري.
أما العصفور الثاني الذي اصطاده البارسا ، فهو سفره بروح معنوية عالية إلى اليابان لخوض كأس العالم للاندية المرشح للفوز بها للمرة الثانية في تاريخه ، ولو حقق ذلك ، فسيعود إلى اسبانيا في حالة نشوة وحماس كاف لاستعادة ذاته وبريقه وتعويض ما فاته من أيام صعبة في الدوري بخسارة 11 نقطة في 15 مباراة من هزيمة امام خيتافي وأربع تعادلات.
ومع تقديرنا لفرحة البارسا وجماهير مشجعيه العرب ، فقد جاء فوزه الكبير على الريال في عقر داره ، ليضاعف معنويات وحماس لاعبيه في مواجهة الفريق العربي الفائز من لقاء الغد بين الشقيقين السد القطري والترجي التونسي بمدينة ناجويا اليابانية، وستكون مهمة الفريق العربي عسيرة ، وبالطبع املنا ليس كبيرا في إسقاط البارسا والمرور إلي المباراة النهائية، ولكن بكل واقعية نأمل ان يؤدي الفريق العربي سواء السد او الترجي مباراة متكافئة ومحترمة امام سحرة البارسا، ونتمني من السد او الترجي ان يتحلوا بالواقعية والاداء التكتيكي الحذر والمنضبط جدا عندما يواجه أحدهما البارسا في الدور قبل النهائي ، وإن كانت كرة القدم لا تعرف المستحيل ، ولا ننسي الفريق الكونغولي مازيمبي بطل القارة السمراء الذي لعب المباراة النهائية امام انتر ميلان العام الماضي في أبو ظبي .
وأطرف ما أعجبني في مباراة الكلاسيكو أنني تصورت صديقنا المدرب العربي التونسي المعروف نبيل معلول مدرب الترجي والمدرب الاوروجوياني الشهير فوساتي مدرب السد ، وكلاهما يراقب ويدرس بعمق وتركيز مباراة الكلاسيكو لإعداد أوراق فريقه لمواجهة البارسا، ومدربه الكبير جوارديولا الذي أطلق عليه صديقنا المعلق الاماراتي الكبير علي سعيد الكعبي لقب" دراكولا"، إشارة إلى الرعب الذي يبثه في نفوس لاعبي الريال وجماهيرهم ومدربهم مورينيو الذي وصف فوز البارسا على فريقه بأنه جاء نتاجا للحظ رافضا أن يقلل من قيمة المنافس!
و أعتقد ان جوارديولا الهاديء المتواضع قد يستحق لقب الجنتلمان او حتى قلب الاسد ، ولكنه لا يمكن ان يكون دراكولا خاصة عندما يتكلم عن فريقه بكل بساطة وتواضع مؤكدا أن الفريق الكاتالوني لم يكن في أفضل حالاته وإن حقق أفضل نتيجة يتمناها أي فريق امام الريال وفي عقر داره